This isn't an official website of the European Union

لم تتحقق الشروط لتغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا

 استضفتُ هذا الأسبوع مؤتمر بروكسل 7 حول مستقبل سوريا. والخبر السار هو أن إجمالي التعهدات البالغ 9.6 مليار يورو تجاوز حصيلة العام الماضي، ما يدلّ على أن العالم لم ينسَ شعب سوريا. النبأ السيئ هو أن محنة الشعب السوري مستمرة، ولا يوجد ما يدل على إحراز تقدّم نحو حلّ سياسي. ومع ذلك، فإننا لن نستسلم وسنحافظ على دعمنا للاجئين السوريين والبلدان المضيفة وجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة.

في حين أن تطبيع العلاقات مع النظام في دمشق من دون إحراز تقدّم ملموس في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ليس خياراً للاتحاد الأوروبي، سنواصل العمل عن كثب مع شركائنا العرب والدوليين لتحقيق أهدافنا المشتركة. ستتاح لي الفرصة في نهاية الأسبوع في القاهرة لمناقشة كيفية العمل معاً إزاء سوريا مع القيادة المصرية و جامعة الدول العربية.

الأزمة الإنسانية وصلت إلى ذروة جديدة

بعد أكثر من اثني عشر عاماً من الصراع، كانت سوريا تواجه فعلياً وضعاً كارثياً في البلاد قبل زلزال شباط. وقد أدت هذه الكارثة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطر والتي بلغت ذروتها الجديدة منذ بداية الصراع. وبالفعل، يعيش تسعة من كل عشرة سوريين في سوريا في فقر. كما يعاني 60٪ من انعدام الأمن الغذائي.

في حين تحقق تراجع نسبي في مستويات العنف في سوريا، ما زال القمع والصراع واقعاً يومياً. تقدّر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد القتلى عام 2022 بـ 1057 مدنياً، منهم 251 طفلاً. كما أن التصعيد المتجدد للأعمال العدائية ليس مستبعداً. وكما أفاد المبعوث الخاص للأمم المتحدة بيدرسون مؤخراً أمام مجلس الأمن الدولي، شهد شهر أيار/مايو تبادلاً مستمراً لإطلاق قذائف الهاون عبر الخطوط الأمامية، وأول ضربة جوية يشتبه في أنها موالية للحكومة في إدلب منذ أكثر من خمسة أشهر، وهجمات من قبل جماعات مدرجة على قائمة الإرهاب، بالإضافة إلى ضربات جوية نفذتها جهات فاعلة إقليمية.

إحدى أكبر أزمات النزوح في العالم

ما زالت سوريا أيضاً إحدى أكبر أزمات النزوح في العالم، مع وجود 6.8 مليون لاجئ و 6.7 مليون مهجر داخلياً داخل سوريا، أي نصف عدد السكان قبل الحرب. لقد ولد جيل كامل وترعرع في حالة نزوح. وقد لجأ حوالي 5.7 مليون سوري إلى البلدان المجاورة: تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، ما أوجد ضغطاً هائلاً على البنية التحتية والخدمات في البلدان المُضيفة.

"نتيجة للتدخل العسكري الروسي في عام 2015، يسيطر النظام الآن على ثلثي الأراضي السورية تقريباً، الأمر الذي أدى إلى تشجيعه على المماطلة في التقدّم نحو حلّ سياسي".

يتحمّل النظام السوري وحلفاؤه المسؤولية عن صراع تشوبه انتهاكات القانون الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان. وبسبب التدخل العسكري الروسي عام 2015، يسيطر النظام الآن على ثلثي الأراضي السورية تقريباً. أدى هذا الأمر إلى تشجيع النظام السوري على المماطلة في التقدّم نحو حلّ سياسي لسوريا. ولم تجتمع اللجنة الدستورية التي يقودها السوريون منذ أكثر من عام. قبل أن تطلق روسيا غزوها لأوكرانيا، كان ثمة أمل في أن تضغط موسكو على الدولة التابعة لها لتقديم تنازلات رمزية على الأقل. لكن منذ شباط 2022 ، كانت روسيا تحبط أية خطوة في هذا الاتجاه.

عملية مستمرة للتطبيع بين الدول العربية و سوريا

أدى الزلزال المدمّر الذي وقع في بداية العام إلى تسريع عملية تطبيع العلاقات بين الدول العربية وسوريا. وبلغت ذروتها في إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية في أيار/مايو، ومشاركة الأسد لاحقاً في قمة الجامعة في الرياض. وعلى الرغم من أنني ما زلت متشككاً في أن التطبيع سيجعل النظام السوري أكثر استيعاباً، إلا أنني أشارك الشركاء العرب في إحباطهم من غياب كامل لتقدّم في العملية السياسية. والواقع أن البلدان المجاورة تتأثر بشكل مباشر أكثر بالوضع في سوريا مع تصدير المخدرات والجريمة وانعدام الاستقرار على حدودها وغياب آفاق لعودة اللاجئين.

لقد طمأنني القادة العرب الذين تحدثت إليهم خلال الأسابيع الماضية بأننا نتشارك في الأهداف ذاتها، أي تلك التي صاغها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، على الرغم من أن نهجنا قد يختلف. أتطلّع قدماً إلى العمل مع مجموعة عمّان للاتصال بشأن سوريا للجمع بين ضغط الاتحاد الأوروبي والبلدان ذات التفكير المماثل و إقناع الدول العربية من أجل بلوغ أهدافنا المشتركة.

"من جانبنا، شروط التطبيع مع النظام السوري ليست قريبة من الاستيفاء، والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه متّحدون بشأن هذا الموقف."

بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، شروط التطبيع مع النظام السوري ليست قريبة من الاستيفاء. و سنكون مستعدين للمساعدة في إعادة إعمار سوريا عندما يجري انتقال سياسي شامل وذو مصداقية، كما أكدت في الأسبوع الماضي. شروط عودة اللاجئين السوريين، على النحو الذي حددته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، غير مستوفاة حالياً. لن ندعم العودة المنظمة إلى سوريا ما لم تكن هناك ضمانات موثوقة بأن عمليات العودة هذه طوعية و تحت رقابة المجتمع الدولي. في جميع مناقشاتي مع الشركاء المعنيين، أثرت مسألة العودة القسرية وتم التأكيد لي أن اللاجئين لن يُعادوا قسراً إلى سوريا إلى أن يتم استيفاء هذه الشروط.

عقوبات الاتحاد الأوروبي لا تعرقل المعونة الإنسانية التي تشتدّ الحاجة إليها

في حين أن النظام السوري لم يقدّم إلى الآن ما يستدعي رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة منذ عام 2011، فمن الهام التذكير بأن عقوبات الاتحاد الأوروبي لا تعيق المساعدات الإنسانية التي تشتدّ الحاجة إليها. الغالبية العظمى من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الغذاء والدواء والمعدات الطبية، لا تخضع للعقوبات. وفي شباط/فبراير الماضي، عدّل المجلس إطار العقوبات المفروضة على سوريا لزيادة تيسير إيصال المساعدات الإنسانية.

شهدنا مدى أهمية التقديم السريع للمساعدات في أعقاب الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط. بالنسبة إلى ملايين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الأكثر تضرراً، هذه مسألة حياة أو موت. يعمل الاتحاد الأوروبي مع تركيا والشركاء الآخرين ذوي التفكير المماثل لتحقيق تجديد قرار الأمم المتحدة الحيوي عبر الحدود الذي يضمن إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

"سيعمل الاتحاد الأوروبي مع تركيا والشركاء الآخرين ذوي التفكير المماثل لتحقيق تجديد قرار الأمم المتحدة الحيوي عبر الحدود الذي يضمن إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا".

في هذه البيئة القاسية، يجب عدم تجاهل بوادر الأمل. سنواصل دعم المجتمع المدني السوري وتشجيعه، مع إيلاء اهتمام خاص للدور الحاسم الذي تؤديه المرأة السورية.

علينا أن ندعم السوريين الذين يعيشون في سوريا، والذين يريدون إعادة بناء بلدهم - على الرغم من أعمال السلب والانتهاكات التي يرتكبها النظام - على أسس متجددة وديمقراطية وسلمية.

علينا أن ندعم المجتمعات المضيفة في المنطقة لاستمرار استضافتهم. حتى مع ازدياد الاحتياجات وتصاعد التوترات، تعيل هذه المجتمعات بسخاء ستة ملايين لاجئ سوري تقريباً. هذا بالتأكيد عبء ثقيل. أوضح لي وزير الخارجية الأردني الصفدي أنه في الأردن وحده، ولد أكثر من 200,000 طفل للاجئين سوريين منذ بداية الصراع. وبينما ندعم البلدان المضيفة، نحتاج أيضاً إلى مقاومة تحويل اللاجئين إلى كبش فداء لأغراض سياسية والسعي إلى نزع فتيل التوترات بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة.

التعهّد بتقديم 9.6 مليار يورو من أجل السوريين في سوريا و اللاجئين و المجتمعات المضيفة

على المجتمع الدولي مواصلة دعم السوريين في سوريا واللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم. في مؤتمر بروكسل حول مستقبل سوريا الذي عقد الأسبوع الماضي، تعهّد المانحون بتقديم ما مجموعه 9.6 مليار يورو في شكل منح وقروض، بزيادة 800 مليون يورو عن عام 2022. يمثل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه 70٪ من المنح التي تمّ التعهّد بها.

وأخيراً، يجب أن نواصل دعم المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن في جهوده لتوليد الزخم لتجديد العملية السياسية. في مؤتمر سوريا، خلص إلى أننا يمكن أن نكون في "نقطة انعطاف"، فرصة جديدة للمضي قدماً. فلنفعل ما في وسعنا لمنحه المساندة التي يحتاج إليها لاغتنام هذه الفرصة.

HR/VP box
HR/VP Josep Borrell cartoon

“A Window on the World” – by HR/VP Josep Borrell

Blog by Josep Borrell on his activities and European foreign policy. You can also find here interviews, op-eds, selected speeches and videos.