This isn't an official website of the European Union

مؤتمر بروكسل السادس حول دعم مستقبل سوريا و المنطقة: كلمة الافتتاح يلقيها الممثل الأعلى/نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، في الجلسة الوزارية

11.05.2022
بروكس -10 أيار 2022
EEAS Press Team

سادة الوزراء، السادة الزملاء، أعزائي المشاركين،

يشرّفني أن أستضيفكم هذه المرة شخصياً، في مؤتمر بروكسل السادس هذا حول [دعم] مستقبل سوريا و المنطقة. كما يسرّني أن أرى الكثير من الأصدقاء من المنطقة و من مختلف أنحاء العالم، و كذلك من أسرة الأمم المتحدة، بعودة قوية.

يُعقد مؤتمر هذا العام على واقع الغزو الروسي لأوكرانيا. من خلال غزوها، انتهكت روسيا القانون الدولي و النظام القائم على القواعد، و خاصة ميثاق الأمم المتحدة. و هذا ليس شأن الأوروبيين فحسب، و لا يتعلق الأمر بـ "الغرب ضد روسيا". هذه الحرب الوحشية انتهاك للمعايير الدولية الأساسية التي تخصّ الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب. نعمل مع جميع الشركاء الدوليين لإنهاء الحرب و التضامن للتصدّي للعواقب العالمية الكثيرة للعدوان الروسي.

في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب في أوكرانيا، يدخل الصراع في سوريا عامه الثاني عشر. يجب أن نحرص على عدم نسيان الشعب السوري و مواصلة الضغط من أجل سوريا سلمية. أشكركم على تعزيز هذه الرسالة بحضوركم اليوم.

تتمثل مهمتنا الأولى و الأساسية اليوم في ضمان بقاء تعهّدات المساعدة الإنسانية عند مستوى العام الماضي على أقل تقدير، أنتم تدركون أن الاحتياجات ما زالت هائلة. حتى و إن لم تعد سوريا على الصفحات الأولى و لم تعد تحتلّ عناوين وسائل الإعلام حول العالم، و حتى و إن قلّ كلامنا بشأن سوريا، إلا أننا ندرك تماماً أن تسعين في المئة من السوريين في سوريا يعيشون في فقر. تسعون في المئة تعني الجميع، جميع من في سوريا، بما في ذلك المنتمون إلى النظام يعيشون في فقر. كما يعاني ستون في المئة من انعدام الأمن الغذائي و يعرفون بشقّ النفس من أين تأتي وجبتهم التالية. إن حرب روسيا ستسبب ارتفاع أسعار الغذاء و الطاقة، و سيسوء الوضع في سوريا.

نعم، لا يمكننا أن ننسى احتياجات اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الدول المجاورة - أذكر تركيا و لبنان و الأردن و مصر و العراق. كما لا يمكننا أن ننسى احتياجات المجتمعات المُضيفة. و تواصل هذه الدول بسخاء رعاية سبعة ملايين من اللاجئين السوريين تقريباً، خمسة ملايين من أوكرانيا، سبعة ملايين من سوريا. أودّ أن أنوّه بالسّخاء المستمر الذي أظهرته حكوماتها تجاه اللاجئين، حتى عندما تزداد الاحتياجات و تتصاعد التوترات. 

نعلم أن هذا عبء ثقيل. و نأمل أيضاً - أسوةً بالجميع هنا - أن تكون الظروف مهيّأة قريباً للعودة الطوعية و الآمنة و المستدامة و الكريمة إلى سوريا. هذا ما يريده اللاجئون السوريون، و ما نريده أيضاً و نعمل من أجله. نأمل، على الأقل دعونا نحافظ على الأمل، أن يتمكن النازحون من العودة عودة طوعية و آمنة و مستدامة و كريمة إلى سوريا.

في العام الماضي، تعهّدت المفوضية الأوروبية بتقديم 560 مليون يورو لعام 2022 للمساعدة في تلبية الاحتياجات المنبثقة عن الصراع السوري. بغية الشروع بمؤتمر التعهّدات الذي أترأسّه و أمثل فيه ما يمكن للاتحاد الأوروبي القيام به، يسرّني أن أعلن اليوم عن تعهّد إضافي بقيمة 1 مليار يورو للعام التقويمي 2022، الأمر الذي يرفع مساهمتنا تراكمياً إلى ما مجموعه أكثر من 1.5 مليار يورو.

بالنسبة إلى عام 2023، سيقدّم الاتحاد الأوروبي الدعم المالي ذاته، 1.56 مليار يورو. و سيكون هذا التمويل لصالح السوريين في سوريا و اللاجئين و المجتمعات المُضيفة في المنطقة. لا بد لي من أن أطلب إليكم جميعاً أن تكونوا على القدر ذاته من السخاء اليوم. يجب أن يكون التزامنا السياسي القوي تجاه سوريا مدعوماً بالتزامات مالية على القدر ذاته من القوة.

أيها الوزراء والزملاء الأعزاء، تعلمون جميعاً أن مؤتمرات بروكسل السنوية كانت شعاع أمل للشعب السوري. يجب أن تساعدوا في الحفاظ على هذا الأمل حيّاً، حتى عندما يبدو، للأسف، أنه غير موجود.

الشعب السوري لا يريد أن يبقى معتمداً على الهبات في حالات الطوارئ. إنهم يريدون دعمنا لإعادة بناء حياتهم و مجتمعاتهم و اقتصادهم. يجب أن نعمل أكثر مع المجتمع المدني السوري، و مع المنظمات المحلية، و مع القادة المحليين، للتأكد من أن مساعدتنا تتوافق مع المطلوب و لها أكبر تأثير. يحاول السوريون الذين يعيشون في سوريا إعادة بناء حياتهم و مجتمعاتهم على أسس متجددة و ديمقراطية و سلميّة.

بالأمس، استضفنا يوم الحوار للاستماع إلى تصوّر المجتمع المدني السوري لسوريا مستقبلية على صعيد حقوق الإنسان و السلام و الديمقراطية. سنستمع إليهم بعد قليل. و أعتقد أن الاستماع إليهم يشكل جزءاً هاماً من هذا المؤتمر. يجب أن ندعمهم و نشجعهم، مع إيلاء دور المرأة السورية اهتماماً خاصاً. لقد عانينَ أشدّ المعاناة و لا يستحققنَ اهتماماً خاصاً فحسب، بل يستحققنَ أيضا مقعداً إلى الطاولة.

يجب علينا أيضاً أن نحافظ على التزامنا بالعدالة و المحاسبة عن الجرائم المرتكبة - لا تنسوا أن الكثير من الجرائم المروّعة قد ارتكب خلال أكثر من عقد من الزمن من الصراع. يسرّني أن رئيسة الآلية المخصّصة - "الآلية الدولية المحايدة و المستقلة" - معنا اليوم و ستستعرض عملها الذي يُؤتي ثماره بالفعل. ينبغي لنا أن نفعل المزيد لكشف الحقيقة بشأن المفقودين، أولئك الذين احتُجزوا سراً فترة طويلة جداً، ما تسبّب في معاناة جسيمة لكثيرين. و نتطلّع إلى المقترحات التي ستقدّمها المفوّض السامي "باشليت" قريباً.

ختاماً، هناك أولوية خاصة للملايين في سوريا الذين يعتمد بقاؤهم على استمرار المساعدة عبر الحدود من تركيا. و سيعمل الاتحاد الأوروبي مع تركيا و غيرها على تمديد القرار الحيوي عبر الحدود الذي يضمن إيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا.

أيها الوزراء و الزملاء، أعلم أن هناك بعض الفتور. كيف لا بعد أحد عشر عاماً من الصراع؟ كيف لا و الرأي العام العالمي يبدو غير قادر على التعامل مع أكثر من أزمة في آن واحد؟ شغلت أوكرانيا الآن عناوين الصحف، و لكن لا تتخلوا عن سوريا.

يجب على روسيا و النظام السوري أن يفهما – من خلال مؤتمرنا هذا – أننا لن نقلّل من التزامنا بقرار مجلس الأمن رقم 2254 و جهود المبعوث الأممي الخاص "غير بدرسن". أهنئك على عملك يا "غير". كما أننا لن نخفف عقوباتنا للحفاظ على الضغط على النظام و لن نطبّع العلاقات قبل أن تتحقق العودة الآمنة للناس.

هذا الصراع يحتاج إلى حلّ سياسي. و سنواصل دعمكم، المبعوث الخاص "بدرسن"، في جهودكم الرّامية إلى تجديد العملية السياسية. و هذا يتطلب من جميع الأطراف ضمان التوصّل إلى نتيجة إيجابية في الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية. يجب على النظام السوري و رعاته أن يفهموا أننا ما زلنا ثابتين. و لكن بالقدر ذاته، يمكننا رفع الضغط و إطلاق التمويل لإعادة إعمار سوريا و عودة لاجئيها، فقط إذا كان ثمة تغيير فعلي و استعداد حقيقي للتوصّل إلى تسوية مع التزامات ذات مصداقية بإصلاح سياسي. هذان هما الشرطان: الاستعداد للتسوية و التزامات ذات مصداقية بإصلاحات سياسية.

اليوم، ثمة مناسبة طيبة لإعادة تأكيد التزامنا المشترك بمستقبل الشعب السوري، من خلال تعهّداتكم - التي أشكركم عليها مقدّماً. أشكركم على دعمكم و ببساطة على وجودكم هنا ليشهد على التزامنا المشترك تجاه الشعب السوري و مستقبل سوريا.

نعم، لن يُنسى الشعب السوري رغم كل الأزمات في العالم. فلنبدأ مؤتمرنا، و لنكنْ أسخياء كعهدنا، و نواصلْ جهودنا و دعمنا للشعب السوري.

رابط الفيديو   هنا