تصريحات صحافية للممثل الأعلى / نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل بعد اجتماعه مع وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب
للمطابقة عند الإلقاء!
شكراً. شكراً لاستضافتي، معالي الوزير، العزيز عبدالله – وقد التقينا أخيراً في بروكسل وفي القاهرة. وكنا على تواصل هاتفي مستمر.
أنا أقدِّر كثيراً انفتاحكم ورؤيتكم وتعاونكم القوي في علاقتنا.
في معظم الأحيان، علينا للأسف أن نتحدَّث عن تطورات دراماتيكية تؤثِّر على لبنان وشعبه، من الأزمة المستمرة التي لم تجد طريقها إلى الحل في سوريا، والحرب في غزة، وكلاهما يترك عواقب سلبية على بلدكم.
منذ زيارتي الأخيرة للبنان في كانون الثاني الماضي، لم تتوقف طبول الحرب. ومنذ ذلك الحين، ازدادت المخاوف التي كنت أشير إليها، أي الخوف من المزيد من التصعيد، والخوف من التمدد الإقليمي للحرب في غزة، والخوف من معاناة إنسانية أوسع انتشاراً.
لكن الشعب اللبناني يتطلع إلى الاستقرار والسلام والتنمية، بدلاً من الحرب.
رسالتي اليوم هي أنَّ الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب الشعب اللبناني، للمساعدة في التغلب على التهديدات والتحديات قدر الإمكان.
معالي الوزير، نتفق نحن وإياكم على أنَّ الحرب في غزة هي في الواقع مأساة مروّعة للمدنيين الفلسطينيين وكذلك للرهائن، وهي مأساة من الصعب وصفها بالكلمات. هذه المأساة تتجاوز قدرتنا على وصفها. إلا أنّه من الضروري استخدام الكلمات لإدانة قتل المدنيين، كما حدث مرة أخرى هذا الأسبوع، وللحثّ على إنهاء الحرب بصورة فورية.
إنّ الحرب تشكِّل تهديداً دائماً للاستقرار الإقليمي، وخصوصاً للبنان. فعبر الخط الأزرق، أدّت الحرب إلى التشريد القسري لعشرات الآلاف من المدنيين، الذين اضطروا إلى الفرار وترك بيوتهم على جانبي الحدود.
وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، طاول التدمير 4,000 مبنى سكني بالكامل في جنوب لبنان؛ واضطر 110,000 لبناني إلى مغادرة بيوتهم منذ تشرين الأول 2023. وينطبق الأمر نفسه على الجانب الآخر من الخط الأزرق.
ينبغي أن نخفِّف من حدة التوترات العسكرية. وأنتهز هذه الفرصة لأحثّ جميع الأطراف على انتهاج هذا المسار.
أنا أحثّ جميع القادة اللبنانيين على العمل لمصلحة الأمة اللبنانية ودولة لبنان، وليس لمصلحة أي طرف آخر.
ينبغي أن يمهِّد التنفيذ الكامل والمتناسب لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الطريق لتسوية شاملة، بما في ذلك ترسيم الحدود البرية والسماح بعودة النازحين داخلياً، فضلاً عن أعمال إعادة الإعمار في المناطق الحدودية المتضررة.
معالي الوزير، إلى جانب المخاطر الوشيكة التي تواجه لبنان، اسمحوا لي أن أسلِّط الضوء على نقطة بالغة الأهمية. حتى يضمن لبنان الاستقرار والسلام، يجب أن تعود المؤسسات الوطنية إلى العمل، بما في ذلك رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. لا يمكنكم ان تدافعوا عن مصلحة لبنان في الخارج – في العالم الأوسع – دون أن يكون، في المقام الأول، مستقراً وموحداً في الداخل.
يجب إصلاح الاقتصاد. يجب إصلاح القطاع المصرفي. هذه مسألة أساسية، وقد سُرِّرتُ بأن أسمع من المسؤولين الذين التقيتهم بأن هذا المسار الذي يريدونه، وأعتقد بأن هذا سيحدث قريباً.
إنَّ الاتحاد الأوروبي مستعد لمواصلة دعم لبنان وقادته لمواجهة تحديات الاستقرار – من أجل الشعب اللبناني المذهل والقادر على التكيُّف الذي بقي في منأى عن السلام والازدهار، شأنه بذلك شأن الكثيرين في المنطقة. لكن لا يمكننا سوى المساعدة، إذ لا يمكننا التغلب على العقبات الداخلية – فقط اللبنانيون أنفسهم يستطيعون ذلك. إنَّ العمل لمصلحة اللبنانيين وليس لمصلحة أي طرف آخر هو المسار المستقبلي.
وبما أنَّ هذه ستكون زيارتي الأخيرة لبيروت بصفتي الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، اسمحوا لي أن أشكركم، عزيزي عبدالله، على جهودكم الدؤوبة من أجل السلام والاستقرار في لبنان والمنطقة، وعلى نقاشاتنا الغنية وصداقتنا المتينة. أتمنى لكم ولزملائكم النجاح من كل قلبي في الانتقال بلبنان إلى مسار الحرية السياسية والازدهار الاقتصادي والتلاحم الاجتماعي. شكراً.