الشباب يريد أن يكون مستقبلَ سوريا
انطلق يوم الاثنين 9 أيار/مايو مؤتمر بروكسل السادس حول "دعم مستقبل سوريا و المنطقة" الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي هذا العام بيوم الحوار، و هو منصّة فريدة لتعزيز الحوار بين المجتمع المدني من داخل سوريا و المنطقة و الشتات.
قالت ندى أسود، عضو المجلس النسائي الاستشاري في مكتب المبعوث الخاص إلى سوريا: "إن دعم المجتمع الدولي للمجتمع المدني السوري أمر ضروري، بعد حرب استمرت أحد عشر عاماً أصبحنا مجتمعاً مدنياً ناضجاً، و مؤتمر بروكسل السادس فرصة لإعادة مطالبنا إلى جدول أعمال المجتمع الدولي، فضلاً عن أنه يوحي ببعض الأمل إلى جميع الأصوات التي تحتاج إلى أن تُسمَع".
يُعدّ المؤتمر جزءاً من مجموعة أدوات الاتحاد الأوروبي لحلّ النزاعات، و التي تتم تعبئتها بالكامل من أجل الشعب السوري و المجتمعات الضعيفة في البلدان المجاورة لسوريا. إنها فرصة سنوية لجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة لمعالجة الوضع الحالي في سوريا، و تقديم الدعم المستمر لجهود الأمم المتحدة من أجل التوصّل إلى حلّ سياسي شامل، و حشد الدعم المالي اللازم لسوريا و البلدان المجاورة التي تستضيف اللاجئين السوريين.
مع دخول الأزمة السورية عامها الثاني عشر و آلاف الأطفال السوريين لم يعرفوا سوى الحرب، ركز أحد الأسئلة الرئيسية خلال يوم الحوار على مسألة بسيطة لكن جوهرية: "ماذا يريد الشباب السوري؟"
كانت السنوات الإحدى عشرة الماضية صعبة للغاية بالنسبة إلى جميع السوريين، لكنّ الشباب تأثر بشكل خاص. و في حين أن للصراع آثاراً مدمّرة على جميع الأجيال، فإنه يتعارض للأسف مع خطط الشباب في مرحلة حرجة جداً من حياتهم. أحد عشر عاماً من وضع خطط ملموسة لمتابعة التعليم و بدء الحياة المهنية و الزواج و توطيد الممارسات و الهوايات و الاستعداد بشكل عام لحياة البالغين في وضع مستمر من الأزمات و الصراعات و النزوح في أغلب الأحيان.
قالت إيلينا ديكوميتيس، مستشارة السياسات المعنية بالشباب في المجلس النرويجي للاجئين إنه من المؤسف أن "الشباب أجبر على وضع مرحلة المراهقة جانباً بغية خوض مرحلة البلوغ على عجل و النهوض بمسؤوليات كبيرة من أجل إعالة أسرهم".
"خلق فرص العمل" كان الجواب الذي ردده الشباب السوري على نحو أشبه بتعويذة عندما سُئلوا عن أولويتهم الرئيسية اليوم، مستطردين بسرعة "لكن الوظائف اللائقة". مع دخول سوريا عامها الثاني عشر من الحرب و المعاناة، فإن تدهور الوضع الاقتصادي على مدى السنوات الماضية يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتردّي بالفعل داخل سوريا و الظروف المعيشية للاجئين السوريين و المجتمعات المضيفة في البلدان المجاورة. من المؤسف أنه ليس من المستغرب أن يكون الأمن الغذائي أيضاً أحد الشواغل الرئيسية خلال المناقشة. كان أكثر من 12 مليون شخص داخل سوريا يعانون فعلياً من انعدام الأمن الغذائي قبل العدوان الروسي على أوكرانيا، ما سيؤثر في أسعار المواد الغذائية و توفرها بشكل أكبر.
و أضاف الشباب إلى الدعوات للحفاظ على المساعدات الإنسانية الدولية الحاجة إلى إطلاق برامج طويلة الأجل قادرة على خلق فرص تعليمية و تدريبية و وظيفية، ما سيجعل السوريين في المستقبل أقل اعتماداً على المساعدات الدولية.
على الرغم من الظلمة التي جلبتها جائحة كوفيد-19 فوق كل شيء في سوريا، تمكنت ربا جرادات (المديرة الإقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية) من إضفاء بعض الأمل على النقاش: "لقد أثبت التدريب من خلال وسائل الإعلام الرقمية أنه أداة مفيدة في سوريا، و يجب تعزيزه لتدريب المزيد من النساء و الرجال السوريين من دون أي تعليم".
كما احتلّت النساء السوريات، غير المرئيات في أغلب الأحيان، حيّزاً هاماً في يوم الحوار. و قال لؤي شبانة، المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية: "لقد أفرغ العنف و الهجرة البلد من الرجال، تاركين للنساء العبء الثقيل المتمثل في كسب لقمة العيش و إدارة المنزل كركيزة الأسرة". و أضاف فيما يتعلق بمعاناة النساء السوريات: "سيتعيّن علينا أن نجعل ما هو غير مرئي مرئياً"
طوال الحوار و المداخلات، تردّد صدى مصير المختفين و الحاجة إلى المحاسبة كأولويتين اثنتين. في مداخلة، أشار كارل هاليرغارد، نائب المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا في دائرة العمل الأوروبي الخارجي بالقول: "يعاني الكثير من السوريين كثيراً من عدم معرفة مصير أحبائهم، لم نحقق نجاحاً كافياً و نحتاج إلى القيام بالمزيد، إنها أولوية."
بالمثل، شدّد المشاركون أيضاً بالإجماع على الحاجة إلى تعزيز التلاحم الاجتماعي. و تحدث همبرفان كوسه، عضو غرفة دعم المجتمع المدني CSSR، و هو فريق عمل تابع للأمم المتحدة للمجتمع المدني السوري للتفاوض على السلام في سوريا، عن التصدّعات التي تقسم الشباب السوري داعياً إلى الحاجة إلى دعم الحوار بين الأجيال بما يتجاوز الانتماءات الجغرافية و الطائفية: "علينا الابتعاد عن أولئك الذين ينشرون خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، و نحتاج إلى العمل معا من أجل سوريا يمكن فيها لجيلنا تأكيد حقوقه بحرية".
بالمثل، في الفعالية الجانبية التي عنوانها "حوار مع الشباب السوري أثناء احتساء القهوة" التي استضافتها بعثة الاتحاد الأوروبي لدى سوريا في بيروت في 26 نيسان/أبريل، شددت آنا ماريا أوهان على الحاجة إلى ضمان عودة آمنة للسوريين الذين يدرسون الآن، أو يعملون مع المنظمات غير الحكومية خارج سوريا، من أجل وضع خبراتهم و مهاراتهم في خدمة مواطنيهم
لا يسعى المجتمع المدني السوري إلى سدّ الشقوق التي خلقتها الحرب بين الشباب السوري فحسب، بل تذهب جهوده إلى أبعد من ذلك من خلال مقترحات لخلق حوار بين الأجيال. ذكّرت هندرين محمد، الناشطة في مجال الشباب و حقوق المرأة و مكافحة الخطاب المتطرّف بالقول: "لم يعرف الجيل السوري الأصغر سناً سوى الحرب. إنهم ضائعون و محبطون، و ينبغي لنا نحن – جيلي - أن نوجّههم وندعمهم".
على الرغم من الفتور بعد أكثر من عقد من العمل من أجل السلام، نقل المجتمع المدني السوري رسالة تصميم، و كذلك الاتحاد الأوروبي. و اختتمت أسود حديثها قائلة: "طريقنا طويلة و قد دفعنا ثمنا باهظاً بالفعل، لكن يجب أن نواصل جهودنا بصبر، لأننا سنحدث التغيير".
لمزيد من المعلوما
دعم مستقبل سوريا و المنطقة – مؤتمر بركسل السادس، و١٠ أيار/مايو٢٠٢٢
بعثة الاتحاد الأوروبي لدى سوريا
صندوق الاتحاد الأوروبي الإقليمي الائتماني استجابةً للأزمة في سوريا
المجلس يتبنّى استراتيجية الاتحاد الأوروبي حول سوريا (بيان صحفي، 3 نيسان 2017)
دعم مستقبل سوريا و المنطقة (مؤتمر بروكسل الخامس 29 و 30 آذار/مارس 2021)
دعم مستقبل سوريا و المنطقة (مؤتمر بروكسل الرابع 22- 30 حزيران 2020)
دعم مستقبل سوريا و المنطقة (مؤتمر بروكسل الثالث 12-14 آذار 2019)
دعم مستقبل سوريا و المنطقة (مؤتمر بروكسل الثاني 24-25 نيسان 2018)
دعم مستقبل سوريا و المنطقة (مؤتمر بروكسل الأول 4-5 نيسان 2017)