مقتطفات من كلمة السفير غابرييل مونويرا فينيالس بمناسبة يوم أوروبا
فيما يلي مقتطفات من كلمة السفير غابرييل مونويرا فينيالس التي ألقاها أثناء الاحتفال بيوم أوروبا في عمَّان يوم 15 مايو:
أصحاب السعادة أعضاء الحكومة والسفراء، أعضاء السلك الدبلوماسي الموقرون، الزملاء والأصدقاء الأعزاء لبعثة الاتحاد الأوروبي،
نجتمع اليوم هنا في سكن سفير الاتحاد الأوروبي، لننطلق في رحلة من التأمل والأمل. يشرفني كثيرا أن أقف أمامكم في هذه المناسبة لنُخلد الإعلان ذا الرؤية المستقبلية الذي أصدره روبرت شومان في 9 أيار/مايو 1950، والذي وضع الأساس للتكامل الأوروبي.
في عام 1950، كانت أوروبا لا تزال تعاني من تبعات الحرب العالمية الثانية، وتناضل للشفاء من الندوب العميقة التي خلفتها سنوات من النزاع والدمار. وفي ظل تلك الظروف من عدم اليقين والمصاعب، انبثق إعلان التاسع من مايو كمنارة أمل تضع رؤية للسلام والازدهار والاستقرار لأجيال المستقبل.
وبينما نفكر في التقدم الذي أحرزناه منذ ذلك اليوم، يجب علينا أيضا أن نُقر بالتحديات التي تنتظرنا في الأفق. إن العالم الذي نعيش فيه مليء بالتعقيد وعدم اليقين، حيث تشكل التوترات الجيوسياسية تهديدات جسيمة للاستقرار والأمن العالمي.
لا يزال الوضع في فلسطين مصدرا للقلق البالغ. لقد أدى التصعيد الأخير للعنف في غزة إلى خسارة عدد لا يحصى من الأرواح البريئة، كما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة أصلا. علينا أن نضاعف جهودنا للتوصل إلى حل سلمي وعادل للصراع. يجب حماية المدنيين، وهناك حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار كي يصبح مستداما.
وحول هذه النقطة، أود أن أقتبس من الممثل الأعلى للاتحاد نائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، الذي صرح بوضوح في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في 23 أبريل بما يلي: "علينا أن نكرر مجددا أنه يجب على إسرائيل احترام القانون الدولي، وتنفيذ التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وضمان حماية جميع المدنيين، والسماح للعاملين في المجال الإنساني بالقيام بعملهم المنقذ للأرواح دون استهدافهم".
وفي أوروبا، تتمثل إحدى التحديات الأكثر إلحاحاً التي نواجهها اليوم في الانتهاك الصارخ للقانون الدولي من قِبلِ روسيا من خلال عدوانها في أوكرانيا. إن التجاهل السافر للسيادة والسلامة الإقليمية الذي أبدته الحكومة الروسية يمثل تهديدا مباشرا لأسس النظام الدولي ومبادئ السلام والأمن التي قام عليها.
وأقرب من ذلك، الوضع في اليمن. فوسط ارتفاع الآمال في تحقيق السلام في البلاد مؤخرًا، بدأ الحوثيون بمهاجمة الملاحة الدولية، وتعطيل الطرق البحرية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن. لقد ألحقت هذه التصرفات المتهورة، التي أدانها المجتمع الدولي على نطاق واسع، وخاصة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، أضرارا بالسلامة البحرية، مما أدى بشكل مأساوي إلى فقدان أرواح بريئة بين البحارة المتفانين الذين كانوا يؤدون واجباتهم ببساطة.
أشارك أفكاري ومشاعري الليلة مع أفراد طاقم سفينة Galaxy Leader البالغ عددهم 24 فردًا، من بينهم ثلاثة أوروبيين، والذين يحتجزهم الحوثيون منذ الاستيلاء على السفينة في نوفمبر الماضي. أكرر هنا الدعوة لإطلاق سراحهم.
مما لا شك فيه أن الوضع الراهن سيء وغير مسبوق، لكن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة مستمرة، مع دعم منا، تُقدم بصيص أمل لسلام مستدام وشامل. ورغم أن الآفاق قد تبدو أكثر قتامة من ذي قبل، فإن شعلة الإمكانية لا تزال تومض، الأمر الذي يؤكد على أهمية استمرار الحوار والتعاون بين جميع الأطراف المعنية. وبالرغم من كل هذه التحديات، فإننا في الاتحاد الأوروبي نظل ملتزمين بقيمنا المشتركة المتمثلة في الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. إننا نقف متحدين في تصميمنا على بناء عالم أفضل للأجيال القادمة، يسود فيه السلام والرخاء والعدالة.
تظل أولوياتنا بالنسبة لليمن متركزة على تعزيز السلام المستدام والشامل والاستقرار والتكامل الأعمق للبلاد في منطقة الخليج. إن التزامنا بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله، إلى جانب دعمنا الثابت لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة بقيادة المبعوث الخاص هانس غروندبرغ، الذي كان السفير السلف للاتحاد الأوروبي إلى اليمن، وهو صديقي أيضا، هي ركائز عملنا في اليمن. لقد عملنا ولا زلنا نعمل بشكل متواصل كشركاء استراتيجيين لليمن فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية والتنموية، إذ لا يزال الوضع الإنساني في اليمن مأساويا، ويواجه ملايين الأشخاص انعدام الأمن الغذائي والنزوح وتفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
يأتي تعزيز السلام والاستقرار والتنمية المستدامة، إلى جانب تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة وعمليات السلام، في مقدمة أهدافنا. يظل الاتحاد الأوروبي ملتزماً بتمكين المرأة اليمنية وتعزيز إدماجها في جميع المجالات، ويشمل ذلك توليها مناصب حكومية رفيعة.
نحث جميع الأطراف، وخاصة الحوثيين، على الانخراط بشكل بناء في جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وندين بشدة الهجمات على البنية التحتية المدنية والدعوة إلى مساءلة المسؤولين عنها.
نؤكد مجددا التزامنا بالتعاون المستمر والمتعدد الأطراف، والمراقبة المستقلة لحقوق الإنسان، ومعالجة التحديات الاقتصادية والاحتياجات الإنسانية المنقذة للأرواح، ودعم الأمن البحري. كما نؤكد على الأهمية الحيوية للمبادرات الجارية التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار والتعافي الدائم في اليمن.
أود أن أقدم تحية صادقة لجميع اليمنيين الذين يتعاونون معنا يومًا بعد يوم، ويسعون جاهدين من أجل يمن مستقر ومزدهر. وللنساء والشباب على وجه الخصوص، لا يسعني القول إلا أن مساهماتكم الرائعة ضمن الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية أو من خلال الأدوار الحكومية لا تمر مرور الكرام. وفي الواقع، لا يمكن أن تكتمل سردية اليمن بدون دوركم المحوري.
سندشن الأسبوع المقبل بالتعاون مع معهد غوته معرضًا للصور الفوتوغرافية لأربعة مصورين يمنيين في المتحف الوطني للفنون الجميلة. سنُحضر هنا أربعة مصورين من أنحاء مختلفة من اليمن لعرض صورهم التي تبين ثقافة اليمن المتنوعة وتراثه الغني.
وبينما نحتفل بيوم أوروبا، دعونا نتمسك بأمل أن يمثل هذا اليوم ويؤكد مجددا التزامنا بمبادئ التضامن والتعاون والاحترام المتبادل. فلنعزز تفانينا في السعي لتحقيق السلام والاستقرار، داخل أوروبا وخارجها.
شكرا لكم