20 عاماً من برنامج إيراسموس موندوس : عفاف صبار "كانت منحة إيراسموس موندوس وسيلة لتحقيق حلمي"
إسمي عفاف، تميَّزت مسيرتي الأكاديمية بتجربة غير عادية بفضل برنامج "إيراسموس موندوس".
بدأ كل شيء عام 2018، بعد حصولي على البكالوريا الدولية في تخصص الفيزياء والكيمياء، كنت أرغب في متابعة دراستي في مجال العلاقات الدولية، إلا أن نتائجي الأكاديمية لم تسمح لي بذلك. ولهذا التحقت بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، شعبة الدراسات الإنجليزية. كانت هذه الفترة ضرورية لتعميق معرفتي باللغة الإنجليزية وآدابها، مع تطوير المهارات اللغوية الأساسية التي كانت ضرورية لمتابعة دراستي في العلاقات الدولية.
اكتشفت "إيراسموس موندوس" بفضل صديقي حاتم العثماني الذي كان آنذاك يعمل في مكتب إيراسموس + في المغرب. التقينا في معرض الطلاب، وكان حاتم كريمًا للغاية حيث زودني بجميع المعلومات عن برنامج إيراسموس موندوس. منذ ذلك اليوم، جعلت من الحصول على منحة إيراسموس موندوس هدفي الرئيسي.
في عام 2021، قدمت طلبي للحصول على منحة إيراسموس موندوس وتم اختياري للحصول على درجة الماجستير المشتركة في الدراسات المعنية بجنوب أوروبا EUROSUD. ولقد أتاح لي هذا البرنامج الذي يركز على العلاقات الدولية، التعمق في الديناميات الخاصة ببلدان جنوب أوروبا الخمسة، وهي البرتغال وإسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا.
أخذتني رحلتي الأكاديمية التي دامت أربعة فصول دراسية إلى مدن أوروبية مختلفة عشت في كل منها تجربة فريدة من نوعها. ففي غلاسكو، اسكتلندا، تأثرت بالترحيب الحار وبجودة التدريس. ساهم الأسكتلنديون من خلال انفتاحهم وترحيبهم في جعل هذا الفصل الدراسي فصلًا دراسيًا لا يُنسى في جامعة غلاسكو.
أما مدينة مدريد بإسبانيا، فقد سحرتني بحيويتها وبتفاعلاتها الغنية مع السكان المحليين والطلاب الدوليين. لقد ترك النهج التعليمي الإسباني لجامعة مدريد المستقلة، إلى جانب الإثارة الثقافية للمدينة، أثراً راسخاً في ذهني.
أما الفصلان الدراسيان الثالث والرابع، فقد تما في مدينة إيكس أون بروفانس بفرنسا. كانت هذه المدينة الواقعة في منطقة "لابروفونس" الساحرة، بأزقتها المتفردة وأجواءها الودية، المكان المثالي لتعميق دراستي، والتي ركزت فيها هذه المرة على التعاون الأورو متوسطي. وبما أن برنامج "إيراسموس موندوس" مليء بالمفاجآت ، فقد أتيحت لي فرصة الحصول على درجة الماجستير الثانية في الشؤون الأوروبية والدولية، المتخصصة في التعاون الأورو متوسطي، والتي تمنحها جامعة إيكس مرسيليا.
وإلى ذلك، شاركت في مدرسة شتوية في لشبونة بالبرتغال. عززت هذه التجربة القصيرة والمكثفة مهاراتي في تقنيات البحث الأكاديمي، كما عرّفتني على ثقافة أخرى ودولة أوروبية أخرى وآفاق عملية جديدة تركز على البحث والابتكار الأكاديمي في العلاقات الدولية.
كان "إيراسموس موندوس" أكثر من مجرد برنامج تعليمي. كان فرصة لتطوير رؤية دولية وتحسين مهاراتي في التعامل مع الثقافات المختلفة وبناء علاقات مع أشخاص من جميع أنحاء العالم. بالنسبة إلي، كانت هذه التجارب المتنوعة نقطة انطلاق نحو تحقيق تطلعاتي المهنية والشخصية لاسيما وأن دراسة العلاقات الدولية كان حلم يُراودني منذ الطفولة. ولقد منحتني منحة "إيراسموس موندوس" فرصة غير متوقعة لتحقيق هذا الحلم.
أنا الآن أعمل كمستشار في المشاريع الأوروبية حيث استثمر معرفتي الأكاديمية في سياقات حقيقية. في الوقت نفسه، أستعد للتسجيل في سلك الدكتوراه لتعميق أبحاثي، وهدفي النهائي هو تعزيز السياسات والمبادرات التي تعزز التفاهم والتعاون بين دول شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه ، وهذا هو ما يوجه مساري بكل عزم وإيمان.
أود أن أشجع الجميع على اغتنام الفرص التي تتاح لهم. لا ينبغي أن تتردد في السعي إلى تحقيق أقصى الأهداف، فالسعي وراء الأحلام الكبيرة واتخاذ المبادرات من أجل ذلك سيمكنك من بلوغ ما تصبو إليه. لقد كانت منحة "إيراسموس موندوس" بمثابة بوابة نحو تحقيق حلمي. أدعو جميع الطلاب إلى عدم الاستسلام للشكوك والعقبات. كل شيء ممكن بفضل العزم والمثابرة.